قد تتعثر أمريكا عن سداد ديونها هذا العام في حال لم يتم رفع سقف الدَيْن! والحل المُقترح؟ طرح عُملة بقيمة تريليون دولار!
ما هو سقف الدَّين، لمن هم مدينون، وماذا يحصل حين تعجز عن السداد؟ شرح بسيط جداً…
سقف الديون هو الحد الأقصى للديون التي يُمكن للحكومة اقتراضُها من أجل الإنفاق الحكومي، تقترض الحكومة المال عن طريق إصدار “سندات الخزينة”… حين تصل الحكومة الى سقف الدين يجب أن يوافق المُشرّعون على رفع السقف لتتمكن الحكومة من اقتراض المزيد من المال. في حال لم يتم رفع السقف تتوقف جميع الخدمات الحكومية، كالطبابة، والتعليم، وتتوقف رواتب القطاع العام. (في حالة أمريكا أكثر من سيتأذى هو الجيش والشرطة لكون ميزانيتهم هي الأعلى).

في 23/1/2023 بلغت الولايات المتحدة سقف الدّين، وهو 31.4 ترليون دولار، لديهم حتى الصّيف حتى يرفع المشرّعون سقف الدين قبل أن ينفذ ما يملكون من مال… هذا الأمر يحدث كل عامَين على الأقل والمشرعون حتى الآن رفعو السقف 78 مرة كلما طُلب منهم ذلك، لكن هذه المرة هناك بعض الأمور المختلفة.
أولاً: الحزب الجمهوري اشترط خفض الإنفاق ليوافق على رفع السّقف. لا خفض انفاق، لا رفع سقف!
ثانياً: المدير التنفيذي لأكبر بنك في امريكا “bank of america” حذّر للمرة الأولى في تاريخ الدولة من احتمال عجز الولايات المتحدة عن سداد ديونها وذكر بأنهم يستعدون لهذا الإحتمال ولكن يرجون عدم حدوثه.
ثالثاً: بسبب الرّفع المُستمر للفوائد في الفترة الأخيرة، أصبحت الولايات المتحدة تدفع 480 مليار دولار سنوياً كفوائد على ديونها! مما يزيد العجز، ويزيد الحاجة الى اقتراض المزيد وهكذا…
من يُقرضهم كل هذا المال؟
لاقتراض المال تُصدر وزارة المالية(يسمونها الخزينة) سندات سيادية، يتم بيع هذه السندات بالمبلغ المكتوب عليها (قيمة إسمية) لمن يُريد الشراء ولهذه السندات فترة “نُضج”، يحصل المشتري على الحق في الحصول على فوائد سنوية من الدولة حتى انتهاء فترة النُضج، حينها يُعيد السند الى الدولة ويسترد المبلغ الذي دفعه في البداية.
يمكن للمشتري أن يكون شخصاً أو دولة أو مصرفاً أو حتى المصرف المركزي… حين يكون المُشتري هو المصرف المركزي يؤدي هذا الى خلق عملة جديدة وبالتالي زيادة الكتلة النقدية والتضخم (وهو ما يحدث غالباً) في حال كان المشتري أي أحد آخر لا يتم طباعة عملة جديدة بل يتغيّر مكان النقود فقط لتأدية مهام مختلفة. حالياً أكبر دائن للحكومة الأمريكية هو المصرف المركزي، ثم دول الصين (1.2 ترليون دولار وتقوم ببيع سنداتها قبل الأوان بكميات كبيرة حالياً) واليابان (1.1 ترليون دولار) ودول أخرى ومؤسسات استثمارية وما الى ذلك.
ماذا يحدث حين تعجز الدولة عن السداد؟
المثال الأكثر وضوحاً هو لبنان، وربما مصر تالياً(لا سمح الله). يتوقف الجميع عن اقراض الدولة فتصبح بحاجة الى تحقيق ميزانية رابحة، أو غير خاسرة على الأقل، وفي حال كانت الدولة تعتمد بشدة على الإستيراد سيصعب عليها سد العجز (وهذا ينطبق على لبنان ومصر وامريكا التي تُعتبر أكثر الدول استيراداً في العالم بعجز تجاري سنوي يبلغ 360 مليار دولار) ستفقد العملة قيمتها شيئًا فشيئاً لأن المصدر الوحيد لتمويل العجز هو طباعة المزيد من النقود واستخدامها لشراء عملات الدول التي يتم استيراد البضائع منها.
الحلول العبقرية
أحد المحللين الإقتصاديين ذكر حلا “عبقرياً” لمشكلة الديون… هناك قانون أمريكي صدر عام 1990 يسمح لوزارة المالية بإصدار عملة بلاتينية بأي مبلغ، ويمكن إيداع هذه العملة في المصرف المركزي ولا يحق له الرفض (وقد تحدّث بعض مدرائه عن قلقهم من هذا القانون) فكان الإقتراح العبقري هو إصدار قطع نقدية بقيمة تريليون دولار وإيداعها في المصرف المركزي لسد الدّين
و قانونياً هذا صحيح، لكن العواقب الإقتصادية لهذا الحل العبقري لن تكون أقل مما سيصيبهم في حال تعثّرهم عن السداد… بل أكثر سوءاً! لكن مجرّد أن تتخيّل أن بإمكانهم حل أزمتهم بهذا الشكل بينما على الدول النامية بيع مواردها لسداد ديونها يجعلك تشعر بالإشمئزاز.