اَلْمُضَارَبَةُ في البورصة هي “المخاطرة بالبيع والشراء بناء على توقع تقلبات الأسعار بغية الحصول على فارق الأسعار”، وقد يؤدي هذا التوقع إذا أخطأ إلى دفع فروق الأسعار بدلاً من قبضها. فهي ليست بيعاً حقيقياً ولا شراء حقيقياً إنما المسألة تنحصر كلها في قبض أو دفع فروق الأسعار بينما البيع والشراء في المضاربة الشرعية بيع حقيقي لسلع محددة، وفق الضوابط الشرعية. فالمضارب يسعى لجمع وحبس كل البضائع أو الصكوك التي من نوع واحد في يد واحدة، ثم التحكم في السوق، حيث لا يجد المتعاملون في هذه السلع أو الصكوك، ما يوفون به التزاماتهم التي حان أجلها، الأمر الذي يجعلهم تحت ضغط هؤلاء المتحكمين والخضوع للأسعار التي يقرروها. الفقهاء اتفقوا على تعريف عقد المضاربة «أنه عقد على الشركة بين اثنين أو أكثر، يقدم أحدهما مالا والآخر عملا، ويكون الربح بينهما حسب الاتفاق والشرط». وبذلك تختلف في الفقه الإسلامي عنها في الفكر الاقتصادي المعاصر، فهي تعني عمليات بيع وشراء صوري تنتقل معها العقود أو الأوراق المالية من يد إلى يد دون أن يكون في نية البائع أو المشتري تسليم أو تسلم موضوع العقد في الفكر الاقتصادي المعاصر

مصطلح المضاربة
المضاربة في اللغة هي مشتقة من الفعل “ضرب” فالضرب بمعنى الكسب وهي أيضاً مشتقة من الضرب في الأرض يضرب ضرباً بمعنى سار في ابتغاء الرزق، ابتغاء الخير.
المضاربة الرأسمالية
المضاربة في البورصة تختلف جذرياً عن المضاربة في اصطلاح الفقهاء وتتم 90% من أعمال البورصة على أساس المضاربة أو المسابقة على البيع والشراء بغية تحقيق مكسب من فروق الأسعار دون أن يكون المضارب مالك للسلع، فالمضاربة هنا عملية بيع وشراء صوريين حيث تباع السلع أو الأوراق المالية وتنتقل من ذمة إلى ذمة دون قبض وغاية المبايعين ليس القبض بل الاستفادة من فروق الأسعار.
الفارق الأساسي بين المضاربة الشرعية والمضاربة في البورصة أن المضاربة في البورصة تنحصر في مكان محدد هو «البورصة»، أما المضاربة الشرعية فغير محددة بمكان معين حيث يمكن أن تجري العمل في كل أسواق السلع والخدمات وأي موقع للاستثمار، والعائد المتحقق من المضاربة في البورصة يتمثل في فروق الأسعار التي تعتمد على عملية التنبؤ التي يكتنفها كثير من المقامرة والضرر المصاحبة لعمليات الشراء والبيع الصورية أم العائد في المضاربة الشرعية فهو عبارة عن أرباح حقيقية نتيجة لنشاط استثماري فعلي يقوم به المضارب.
المضاربة والتداول
المضاربة العصرية هي نوع من التداول الحديث الذي أصبح له شعبية واسعة، بسبب أنه يقدم الكثير من الفرص لتحقيق المال. كما أنه سريع جداً. على الرغم من أن هناك بعض الأوقات التي تتضمن الكثير من الانتظار، فإن الربح أو الخسارة عادة ما تظهر بسرعة، ولذلك ليس عليك الانتظار والترقب لساعات متسائلاً ما إذا كانت العملية التداولية سوف تكون ناجحة، ومتى عليك الخروج منها. غالباً تستغرق العملية بضعة ثواني. المضاربة هو طريقة للقيام بتداولات سريعة مقابل أرباح عادة ما تكون صغيرة، من خلال الدخول والخروج مقابل القليل من النقاط. ماذا يحتاج الشخص كي يقوم بهذه المضاربة ؟
قبل أن ندخل في سؤال كيفية القيام بالمضاربة، عليك أن تكون متأهباً بشكل مناسب للقيام بها بشكل صحيح حتى تكون لديك فرص بالنجاح. للأسف، مجرد معرفة ما عليك القيام به ليس كافياً. السبب هو أن جوهر المضاربة هو الاستفادة من التنفيذ السريع والانتشارات الضيقة نسبياً. إن كان وسيطك غير قادر على تقديم هذه الأمور، عندها حتى إن كنت تعرف ما عليك القيام به وقمت به بشكل صحيح، لن تكون قادراً على المضاربة بشكل مربح. ولذلك فإن الأمر الأول الذي أنت بحاجة إليه هو الوسيط الجيد الذي يقوم بتنفيذ التداولات بشكل سريع من دون رفضها لمجرد أن السوق يتحرك بسرعة. على مستوى التجزئة، فإن هذا الأمر ليس بالسهل العثور عليه.
إستراتيجيات للمضاربة
ببساطة، سوف تحصل على نتائج أفضل من خلال البحث عن ارتدادات بدلاً من الإستمراريات. هذا يميل لأن يكون تداولاً عكس النمط، أو على الأقل النمط قصير الأجل. لا تقلق بهذا الشأن. ما عليك القيام به هو البحث عن مستويات من المحتمل أن توفر ارتداداً. المستويات الرئيسية التي يجب البحث عنها يمكن العثور عليها كما يلي: • ارتفاعات وانخفاضات اليوم أو الأسبوع أو الشهر الماضي، خصوصاً عندما تكون نهاية تلك الشمعة لها فتلات. • الافتتاحيات الأسبوعية والشهرية. • الأرقام الكاملة. • النقاط المحورية. أول نقطتين هما الأكثر أهمية. حيث يتلاقون مع الأرقام الكاملة والنقاط المحورية، سوف تكون هي الأقوى. حيث يكون هناك العديد من هذه المستويات مصطفة معاً، فإنها تكون أقوى. في حال كان التراجع المتوقع يتماشى مع النمط طويل الأجل، فإن هذا يكون أفضل، ولكنه ليس لازماً. إلا أن الأمر الأهم ليس هو تحديد المستويات الأكثر احتمالية حيث سوف يكون ارتدادات. الأهم والذي غالباً ما يتم تجاهله هو كيفية وصول الأسعار إلى هناك. كقاعدة، كلما كان وصول السعر إلى هناك أسرع وكلما كانت المسافة التي عليه قطعها للوصول إلى هناك أطول، كلما كان ذلك أفضل. على سبيل المثال، إن كان معدل النطاق الحقيقي للأيام العشرين السابقة هو 100 نقطة وتحرك السعر بسرعة إلى رقم كامل كان كذلك يشكل أعلى مستوى للأسبوع السابق وبحوالي 100 نقطة عن أدنى مستوى لليوم، فإن لديك احتمالية عالية للارتداد، وبالتالي يمكنك على الأرجح أن تحقق بعض النقاط القصيرة عند هذا المستوى.
ما هي الأزواج للمضاربة؟
هناك نوعين من تداول الإتجاه، بذلك أعني التداول التقليدي الطويل أو القصير. إما أن تقوم بالتدوال على أساس بأن الحركة سوف تستمر من مستوى معين، أو أنها سوف تنعكس. على أي حال، الأمر الذي تعتمد عليه من أجل تحقيق الأرباح هو مدى جدوى وجودة مستويات الدعم أو المقاومة.هذا يؤدي إلى نقطة مهمة والتي يتم تجاهلها في الغالب: تقوم الأزواج الرئيسية بإنتاج مستويات دعم ومقاومة ذات جدوى أكبر، بسبب كونها حقيقية وليست مصطنعة. على سبيل المثال، في حال لم يلامس زوج اليورو/الدولار الأمريكي المستوى 1.30 لفترة طويلة، وبعد أن فشل بأكثر من 100 نقطة، يصل إلى ذلك المستوى، يكون من المحتمل أن يقوم بنوع من الارتداد إلى الأعلى، مما يعطي فرصة لضماربة طويلة. في حال لم يلامس زوج اليورو/الدولار الأسترالي المستوى 1.30 لفترة طويلة، تكون الاحتمالية أقل أن يوفر ارتداد، لأن الأمر المهم هو ما يحدث مع زوج اليورو/الدولار الأمريكي وزوج الدولار الأسترالي/الدولار الأمريكي. لذلك يجب الابتعاد عن التقاطعات، إلا إذا كانت العملات المتقاطعة لديها مضاربة عند نفس الوقت بالضبط مقابل الدولار الأمريكي. عليك الالتزام بالأزواج الرئيسية الأربعة وربما كذلك زوجي الدولار الأسترالي/الدولار الأمريكي والدولار الأمريكي/الدولار الكندي. يجب الملاحظة بأن الين الياباني “أكثر مرونة” من الدولار الأمريكي، ولهذا السبب يكون من الصعب المضاربة عليه.
تنفيذ تداولات المضاربة
لا يوجد بديل عن تفيذ هذه التداولات بشكل يدوي. بالطبع، إن كنت تعتقد بأن المستوى 1.30 سوف يكون مستوى جيد للارتداد، يمكنك أن تعد أمراً عند ذلك المستوى. ولكن، في بعض الأحيان من الممكن أن يماطل السعر نفسه على بعد نصف نقطة من ذلك المستوى قبل أن يتحول، في تلك الحالة لن يتم ملئ الأمر الذي قمت بوضعه. لهذا السبب، من المفيد أن تقوم بالمضاربة بشكل يدوي للدخول والخروج. وهذا هو السبب بأن عليك أن تستخدم وسيط جيد. فائدة المضاربة هي أنك بحاجة أن تخرج بربح مكون من بضعة نقاط فقط. هذا هو السبب الآخر الذي يكون عليك أن تكون مستعداً وأن تقوم بمراقبة السعر. سوف تشعر بالمكان الذي سوف يبدأ عنده السعر بالتحول. من الجيد تحصيل ما يقارب من 80% أو 90% من التداول الفائز عند الوقفة الأولى، وترك البقية مع تحريك نقطة توقف الخسائر لتحقيق التعادل. سوف تحصل في النهاية على مكاسب كبيرة حيث أن ما بدأ كمضاربة قد يتحول إلى تأرجح رئيسي طويل الأجل للأعلى أو الأسفل.
ربما أن الأمر الأصعب بشأن المضاربة هو معرفة مكان وضع نقاط توقف الخسائر. من الممكن أن يكون من الأفضل أن نضع فقط نقطة توقف الخسائر والخروج بشكل يدوي عندما تشعر قد بدأ بالفعل بالاختراق في الإتجاه الخاطئ. من المجدي تذكر بأن من المفيد الإبقاء على نقاط توقف الخسائر ضيقة، لأن المكان الذي تبحث فيه عن ارتدادات، فإن التداولات الجيدة من المفترض أن ترتد بشكل ضيق.
إتباع هذه القواعد يحتاج إلى بعض الممارسة والمضاربة تحتاج إلى نفس الحجم من الصبر كأي نوع آخر من التداول. هذه الإرشادات مجربة ومختبرة.
امثلة عملية
خميس الفضة هو حدث وقع يوم الخميس الموافق للسابع والعشرين من شهر مارس / آذار سنة 1980 في سوق الفضة في الولايات المتحدة حيث انخفضت الأسعار بشكل كبير وعادت إلى مستواها الطبيعي بعدما شهدت الأسواق محاولة الأخوين «هانت» (نيلسون ووليام) احتكار السوق.
الحادثة
حاول الأخوان نيلسون بنكر هانت وويليام هربرت هانت احتكار أسواق الفضة العالمية في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، في محاولة للحصول على أكثر من نصف إنتاج الفضة في العالم. من خلال تجميع المعدن النفيس، وقد ارتفعت أسعار الفضة من 11 دولار للأونصة في سبتمبر 1979 إلى ما يقرب من 50 دولار للأونصة في يناير 1980. انهارت أسعار الفضة في نهاية المطاف إلى ما دون 11 دولار للأوقية بعد شهرين، حدث الكثير من الانخفاض في يوم واحد يُعرف الآن باسم «خميس الفضة»، وبسبب التغييرات في قواعد الصرف أصبحت أسعار السلع على الهامش.

المضاربة في علم فروع الفقه
هي عقد بين شخصين، يقدم أحدهما بموجبه مالا إلى الآخر ليتجر فيه بنصيب من الربح، فإن لم يكن ثمة ربح فالمال لصاحبه، وإن كان فيه وديعة فمن المال، وليس على الذي اتجر في المال شيئاً من الوديعة. ويسمى الطرف الذي يقدم المال، صاحب المال أو رب المال أو المالك أو المقارِض. ويسمى الطرف الذي يتولى التجارة والعمل: العامل أو صاحب العمل أو المضارب أو رب العمل أو الأمين أو المقارَض.
التسمية
وأطلق عليها أهل العراق لفظ مضاربة، والمضارب هو من يضرب في الأرض؛ أي يسافر في الأرض ويسعى فيها ابتغاء الفضل، لقوله سبحانه وتعالى: ﴿وأخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله﴾. سورة المزمل آية: 20 بينما عرفها أهل الحجاز بلفظ القراض، والقراض من القرض بمعنى القطع، فكأن رب المال اقتطع من ماله قطعة وسلمها للعامل، واقتطع له جزءا من ربحها. والقراض أيضاً من الموازنة، يقال تقارض الشاعران إذا توازنا، وقد استخدم الحنفية والحنابلة الزيدية كلمة المضاربة بوجه عام، بينما فضل المالكية والشافعية كلمة القراض.
تاريخ
قبل النبوة
والقراض من عقود المعاوضة غير اللازمة والجائزة بالسنة التقريرية والإجماع، وهي مما كان معمولاً به في الجاهلية فأقره الإسلام، وروى أبو نعيم وغيره أن الرسول ﷺ ضارب لخديجة رضي الله عنها قبل أن يتزوجها، بمالها إلى بصرى الشام، وأنفذت معه خادمها ميسرة، وكان هذا قبل النبوة.
بعد النبوة
ووجه الدلالة أنه ﷺ حكى ذلك بعد النبوة مقرراً له، وكذا بُعث الرسولعليه الصلاة والسلام والناس يتعاقدون المضاربة فلم ينكر عليهم، وذلك تقرير لهم على ذلك والتقرير أحد وجوه السنة. وقد عمل بها المسلمون في عهد الرسول ﷺ وعملوا بها من بعده، وروى عن جماعة من الصحابة، رضي الله عنهم، أنهم دفعوا مال اليتيم مضاربة، منهم: عمر وعثمان وعلي وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وعبيد الله بن عمر وعائشة رضى الله عنهم أجمعين، ولم ينقل أنه أنكر عليهم من أقرانهم أحد ومثله يكون إجماعاً.
وجاء في الموطأ للإمام مالك : «عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: خرج عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب في جيش إلى العراق فلما قفلا، مرا على ابي موسي االاشعرى وهو أمير البصرة، فرحب بهما وسهل ثم قال: لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت، ثم قال: بلى ها هنا مال من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين فأسلفكماه، فتبتاعان به متاعاً من متاع العراق، ثم تبيعانه بالمدينة فتؤديان رأس المال إلي أمير المؤمنين، ويكون الربح بينكما، فقالا وددنا ذلك، ففعل وكتب إلي عمر بن الخطاب أن يأخذ منهما المال. فلما قدما باعا فأربحا، فلما دفعا ذلك إلي عمر، قال: أكل الجيش أسلفه مثل ما أسلفكما؟ قالا لا فقال عمر أديا المال وربحه فأما عبد الله فسكت، وأما عبيد الله فقال: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا، لو نقص هذا المال أو هلك لضمناه. فقال عمر أدياه. فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله، فقال رجل من جلساء عمر أمير المؤمنين لو جعلته قراضًا، فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه، وأخذ عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب نصف ربح المال».
والمضاربة وإن كان تطبيقها في العهد الإسلامى الأول قد اقتصر على التجارة… إلا أنها قد تصلح للصناعة أيضاً، وكان المجتمع الإسلامي الأول في المدينة يعتمد على التجارة والزراعة، ولم تتعد الصناعة آنذاك سوى بعض الصناعات البسيطة (الحرف)، وتوجد في قطاع الزراعة عمليتان مشابهتان للمبدأ الذي تقوم عليه المضاربة، وهما: معاملتا المزارعة والمساقاة، وكلهم معاملات تيسر تعاون من يملك المال مع من لديه القدرة على العمل بهدف تحقيق الربح لهما، ويجمعهم أن كل منهم عمل في شئ ببعض نمائه مع جهالة العوض وقت العقد. وهي إحدي المعاملات التي وفرها الإسلام للناس لإستثمار أموالهم وإنمائها، وأجازها الشارع تحقيقاً للمصالح وتيسيراً على الناس و تلبية لحاجاتهم.
أهمية المضاربة
وتكمن أهمية المضاربة في أنها من العقود التي تعود بالمنفعة على طرفي العقد وعلى المجتمع عامة، فمن يملك المال قد يكون غير قادر على إستثماره بنفسه، إما لانشغاله أو لعجزه أو لقلة خبرته في أمور الإستثمار والتجارة، وصاحب العمل قد يكون ماهراً ذا خبرة ودراية في أحد مجالات الإستثمار والتجارة ولا مال له، فكان في شرع هذا العقد دفع الحاجتين، فيتعاونا هذا بماله وذاك بعمله، وينتفع كل منهما بما يرزقهما الله به، ويعم الخير على المجتمع من جراء إستثمار المال في مشروعات نافعة تخلق فرص عمل وتدفع بعجلة الإنتاج والنمو.
حكم المضاربة
وهي من العقود الجائزة غير اللازمة، ولكل من رب المال والعامل أن يفسخه ما لم يشرع العامل في العمل، أما بعد البدء… فللفسخ أحكام فصلها الفقهاء ترد فيما بعد. جاء في ”«وأما صفة هذا العقد فهو أنه عقد غير لازم ولكل واحد منهما أعني رب المال والمضارب الفسخ لكن عند وجود شرطه وهو علم صاحبه لما ذكرنا في كتاب الشركة، ويشترط أيضا أن يكون رأس المال عينا وقت الفسخ دراهم أو دنانير حتي لو نهي رب المال المضارب عن التصرف ورأس المال عروض وقت النهى لم يصح نهيه وله أن يبيعها لأنه يحتاج إلي بيعها بالدراهم والدنانير ليظهر الربح، فكان النهى والفسخ إبطالاً لحقه في التصرف فلا يملك ذلك، وإن كان رأس المال دراهم أو دنانير وقت الفسخ والنهي صح الفسخ والنهي»“.
تعريف فقهي
تعريف المضاربة في الفقه: عرَّفها المالكية بأنها: توكيل على تجر في نقد مضروب مسلم بجزء من ربحه إن علم قدرهما. وعرفها الأحناف بأنها: عقد شركة في الربح بمال من جانب وعمل من جانب. وعرفها الحنابلة بأنها: دفع ماله إلي آخر يتجر فيه والربح بينهما. وعرفها الشافعية بقولهم: القراض والمضاربة، أن يدفع إليه مالا ليتجر فيه والربح مشترك بينهما. وعرفها الإمامية بقولهم: المضاربة هي أن يدفع مالا إلي غيره ليعمل فيه بحصة معينة من ربحه.
حكمها
والمضاربة هي شركة في النماء الناتج عن المال والعمل، ويسمى النماء ربحاً، والربح عامة يستحق كما جاء في الفقه الحنفي في قول الكاسانى: ”إما بالمال، إما بالعمل، وإما بالضمان. ويضيف : أما ثبوت الاستحقاق بالمال فظاهر، لأن الربح نماء رأس المال فيكون لمالكه، لهذا استحق رب المال الربح في المضاربة. وأما بالعمل، فان المضارب يستحق الربح بعمله، فكذا الشريك. وأما بالضمان، فان المال إذا صار مضموناً على المضارب يستحق المضارب جميع الربح، ويكون ذلك بمقابلة الضمان خراجا بضمان، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: الخراج بالضمان فإذا كان ضمانه عليه كان خراجه له“.
والمضاربة في أولها أمانة، لأن رب المال يسلم ماله إلي العامل أمانة في يده؛ حتي يتصرف فيه، فيكون المال في هذه الفترة أمانة في يد العامل، ويجب عليه حفظه وصونه ورده إن طلب منه المالك ذلك، فإن بدأ العمل وتصرف فيه، تصبح وكالة لأن العامل يتصرف في المال بإذن صاحبه فهو وكيله في التصرف؛ فإذا تحقق نماء في المال… تكون شركة لاشتراكهما في ملكية النماء، وإن هلك جزء من رأس المال، لا تحصل المشاركة لعدم ظهور الربح الذي يشتركان في ملكه، ويظل العامل وكيلاً فلا يكون عليه شيء في الخسارة، وإن فسدت المضاربة دون تعد منه يصبح عند الشافعية والحنابلة والحنفية أجيراً، وعند المالكية يكون له قراض المثل في بعض الحالات، وأجر المثل في الحالات الأخرى. وليس على العامل ضمان فيما يتلف بغير تعديه أو تفريطه…فإن تعدى أو خالف إلى ما لم يأذن له فيه ضمن.