“تحت الوسائد”.. كيف تسعى تركيا لإدخال أطنان من الذهب إلى نظامها المالي؟
ما المقصود بذهب “تحت الوسائد”؟
يُنظر إلى الذهب تقليدياً على أنه أضمن وسائل الادخار في المجتمع التركي، وغالباً ما يبقيه الأتراك في منازلهم حيث يفضلون أن يكونوا قادرين على لمسه وإبقائه قريباً منهم. وإلى جانب كونه وسيلة ادخار معتمدة منذ العصور القديمة، يستخدمه الأتراك أيضاً كحاله مجتمعية لإظهار غناهم المادي، وذلك من خلال لبس الحلي الذهبية والمجوهرات في المناسبات الخاصة والعامة، وبالأخص الأعراس.

وذهب “تحت الوسائد” هو مصطلح اقتصادي يطلق على الذهب الذي اشتُري بطرق قانونية شرعية، لكنه خرج من النظام المالي بعد أن فضل الأتراك الأحتفاظ به في منازلهم عوضاً عن إيداعه في المصارف والبنوك.
وتشير التقديرات الأخيرة إلى وجود نحو 5 آلاف طن من الذهب المخبأ تحت الوسائد في تركيا، بقيمة إجمالية تصل إلى أكثر من 280 مليار دولار.
فيما يتعامل السواد الأعظم من الأتراك مع الذهب كأداة توفير وادخار وليس كأداة استثمار، لأنه إذا ما تقرر استخدامه كأداة استثمار، فلن يبقى تحت الوسائد في المنازل، بل سيدخل النظام المالي من أجل تداوله عبر البنوك والمحافظ الاستثمارية.
مساعٍ جادة لإدخاله في النظام المالي
رغم أن الذهب القابع تحت الوسائد في تركيا هو مورد مالي جاد لاقتصاد البلاد، فإن هذا المورد خامد حالياً لبقائه خارج النظام المالي التركي.
منذ عام 1996، انتهجت الحكومات التركية المتعاقبة العديد من السياسات المالية التحفيزية لجذب الذهب النائم تحت وسائد الأتراك وإدخاله في النظام المالي، ومن ضمن هذه المساعي كان زيادة الوعي بالاستثمار بدلاً من الادخار وحسب، وزيادة ضمان صندوق تأمين ودائع الادخار لودائع الذهب، بالإضافة لبيع الذهب عبر البنوك بسعر التكلفة من خلال حسابات مصرفية خاصة بالذهب.
من جانبه، يرى الدكتور أوموت حلاج، رئيس قسم الاقتصاد بجامعة يشار، أن ذهب تحت الوسائد ليس منتجاً غير اقتصادي، فهو موجود في الاقتصاد ويدخل في حسابات الناتج القومي الإجمالي، لأنه إذا اشتريت الذهب المنتج بشكل قانوني بأموال مكتسبة بشكل قانوني، فإن القيمة النقدية لهذا الذهب تؤخذ في الاعتبار في الناتج القومي الإجمالي.
وفي إشارة إلى مخاطر الذهب غير المسجل في النظام المالي، قال حلاج: “إن الخطر الأكبر المتعلق بذهب تحت الوسائد في تركيا هو أنه أسهل طريقة لغسيل المعاملات غير القانونية. لا يمكن تتبع من اشترى الكمية ولأي غرض”.
احتياطات تركيا من الذهب
حسب الإحصاءات الصادرة عن مجلس الذهب العالمي والمستندة إلى صندوق النقد الدولي (IMF)، هناك ما مجموعه أكثر من 35 ألف طن من احتياطي الذهب في العالم. فيما تحتل تركيا المرتبة الـ 12 في قائمة التي تمتلك أعلى احتياطيات من الذهب بواقع 512.6 طن، وفقاً لآخر البيانات الصادرة في شهر أغسطس/آب الماضي.
وتجدر الإشارة إلى أن الذهب الذي قدم لمستثمريه عائداً بنسبة 24%على أساس الأوقية العام الماضي، هو في الواقع أحد مصادر عجز الميزان التجاري، والذي يعد من أهم مشكلات تركيا. فبينما صدرت تركيا 52.6 مليار دولار من الذهب في الـ 10 سنوات الأخيرة، استوردت بالمقابل 107.3 مليار دولار. بعبارة أخرى، كان 54.7 مليار دولار من عجز الحساب الجاري ناتجاً عن الذهب فقط في السنوات الـ 10 الماضية.
ومرة أخرى، وبالنظر إلى الإحصائيات الأخيرة. كما هو معروف في الهند، التي تحتل المرتبة الثانية في العالم من حيث الطلب المادي على الذهب، تُقدَّر كمية الذهب المقدر تحت الوسادة بحوالي 25 ألف طن. باعتبار أن عدد سكان الهند يبلغ حوالي 1.4 مليار نسمة، فإن متوسط الذهب المخبأ تحت وسائد الهنود يصل إلى نحو 17 جراماً للفرد. لكن المتوسط أكبر مما هو في الهند بكثير، فعندما نقسم الذهب “تحت الوسائد” الذي يقدر بـ 5 آلاف طن على إجمالي سكان تركيا البالغ عددهم 83 مليوناً، يكون الذهب تحت الوسادة حوالي 60 جراماً للفرد.

وكانت قد أعلنت وزارة المالية والخزانة التركية عن تفاصيل الأداة المالية الجديدة التي من شأنها إدخال “ذهب تحت الوسائد” في النظام المالي، عبر إنشاء نظام ثلاثي بين الصائغ والمعمل والبنك، يتيح للمواطنين نقل وسحب ذهبهم المادي من النظام وإليه من خلال الصائغين.
صرح وزير المالية والخزانة التركي نور الدين نباتي السبت الماضي، بأن وزارته بصدد الإعلان عن أداة مالية جديدة تهدف إلى إدخال الذهب المدَّخَر في المنازل المعروف باسم “ذهب تحت الوسائد”، الذي يقدر حجمه بنحو 5 آلاف طنّ، بما يعادل ما بين 250 و350 مليار دولار، ضمن النظام المالي للبلاد.
وبينما يتعامل السواد الأعظم من الأتراك مع الذهب كأداة توفير وادخار لا كأداة استثمار، لأنه إذا ما تَقرَّر استخدامه كأداة استثمار فلن يبقى تحت الوسائد في المنازل، خرجت الحكومة التركية مؤخراً بآلية مالية جديدة لتحويل ذهب “تحت الوسائد” إلى أداة استثمارية مُربِحة للمواطنين، وفي نفس الوقت تضمن استخدامة في مكافحة التضخم الذي تشهده البلاد مؤخراً.
وتُعتبر تركيا من أهمّ الدول المستوردة للذهب على مستوى العالم، إلى جانب إنتاجه من خلال 18 منجماً منتشرة على أراضيها لاستخراج وتعدين الذهب، بالإضافة إلى عديد من المناجم الجديدة التي يُتوقع أن تدخل حيّز العمل قريباً ضمن خطط الحكومة للقفز بإنتاج البلاد من الذهب من إجمالي 40 طنّاً إلى 100 طن سنويّاً.
اقرأ أيضاً: آلاف الأطنان بقيمة 280 مليار دولار.. ما قصة الذهب “تحت الوسائد” في تركيا؟
ذهب “تحت الوسائد”
يُطلَق مصطلح ذهب “تحت الوسائد” على الذهب الذي اشتُري بطرق قانونية شرعية، لكنه خرج من النظام المالي بعد أن فضّل الأتراك الاحتفاظ به في منازلهم عوضاً عن إيداعه المصارف والبنوك.
وتشير التقديرات الأخيرة إلى وجود نحو 5 آلاف طن من الذهب المخبأ تحت الوسائد في تركيا، بقيمة إجمالية تصل إلى أكثر من 280 مليار دولار، وهو الرقم الذي أكّده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أحد خطاباته نهاية العام الماضي، الذي دعا فيه المواطنين إلى إخراج الذهب المخبأ تحت الوسائد وإدخاله ضمن النظام المالي من أجل تعزيز اقتصاد البلاد.
ولطالما تعامل الأتراك مع الذهب على أنه أضمن وسائل الادخار، وغالباً ما يحتفظون به في منازلهم حيث يفضّلون أن يكونوا قادرين على لمسه وإبقائه قريباً منهم. وإلى جانب كونه وسيلة ادّخار معتمَدة منذ العصور القديمة، يستخدمونه أيضاً كحاله مجتمعية لإظهار غناهم المادي، وذلك من خلال لبس الحليّ الذهبية والمصوغات في المناسبات الخاصة والعامة، وبالأخصّ الأعراس.
المساعي الحكومية
تأتي الآلية الجديدة التي أعلن عنها وزير المالية والخزانة التركي نور الدين نباتي السبت الماضي، ضمن المساعي الحكومية الرامية إلى الاستفادة من مدخرات الذهب لدى المواطنين من أجل توحيد الجهود لمواجهة التضخُّم في البلاد في إطار النموذج الاقتصادي الجديد الذي تبنته الحكومة مؤخراً، والذي يشمل أيضاً نظام الودائع البنكية المحمية من تقلبات أسعار الصرف، والتي تجاوز حجم مدخراتها 312 مليار ليرة، وفقاً لتصريحات الوزير.
وستبدأ الحكومة التركية اعتباراً من 1 مارس/آذار القادم بالتعاون مع 1500 صائغ ذهب في جميع أرجاء الجمهورية التركية، تفعيل الأداة المالية الجديدة التي سيُدخِل من خلالها المواطنون مدخراتهم الذهبية بسهولة وأمان في النظام الاقتصادي، من خلال الصائغين والبنوك المتعاقدة المعنية، ويستعيدونها في الوقت الذي يريدونه.
وسيتمكن المواطنون من نقل ذهبهم المادي إلى النظام وسحبها من النظام من خلال الصائغين، وسيُنشأ نظام تأكيد ثلاثي بين الصائغ والمصفاة والبنك. فعندما يسلّم المواطن ذهبه المادي للصائغ سيسلّمه الصائغ بدورة للمصفاة التي ستعالجة وتسلمه للبنك، حيث سيُحتفظ به فعلياً إلى حين رغبة المواطن في سحبه مجدداً.
من جانبه أشار الوزير إلى أن هذه الآلية ستتيح للمواطنين حماية قيمة مدخراتهم الذهبية من خلال فتح حساب إيداع لتحويل الذهب وحسب تشاركي بالليرة التركية. وأكد على أن فتح هذه الحسابات سيتيح للمواطنين في الوقت ذاته تحقيق الأرباح دون مخاطرة.
الذهب في تركيا.. حقائق وأرقام
بدأت تركيا عام 2001 أنشطة استخراج وتعدين الذهب فعلياً بفضل الاستثمارات المحلية والأجنبية التي وصلت قيمتها إلى قرابة 6 مليارات دولار، والتي وفّرَت أيضاً فرص عمل لأكثر من 13 ألف شخص في 18 منجماً لإنتاج الذهب، وفقاً لتصريح وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركية فاتح دونماز مطلع عام 2021.
من جانبها تشير الوزارة في باناتها إلى أن الإنتاج السنوي لتركيا من الذهب عام 2019 بلغ نحو 38 طنّاً، وأن لديها احتياطيات من الذهب تمثّل 0.5% من إجمالي الاحتياطيات العالمية، كما تمتلك 2% من موارد الذهب العالمية.
وحسب الوزير دونماز، أنتجت تركيا نحو 40 طنّاً من الذهب بنهاية عام 2020، في حين بلغت الواردات في نفس العام نحو 25.2 مليار دولار، وبقيت الصادرات من المشغولات الذهبية تحت حاجز 7 مليارات دولار، مؤكداً أن بلاده تستهدف أن يرتفع الإنتاج من الذهب إلى 100 طنّ سنوياً.