يوجد في كل مجتمع نوعين من الأنشطة المالية ، يرتبط الأول بالأفراد أو الهيئات الخاصة يسمى المالية الخاصة ، ويرتبط الثاني بالدولة فيسمى المالية العامة.
ولذلك يعبر مصطلح المالية العامة عن النشاط المالي للدولة ، الذي يتمثل في تأمين الإيرادات اللازمة لتغطية نفقات الدولة بتوزيع العبء الناجم عن المكلفين بصورة عادلة ووفق مبدأ المساواة .
أغراض علم المالية

1- إيجاد الإيرادات الضرورية لتغطية نفقات الدولة.
2- توزيع الأعباء العامة بين المواطنين.
3- المساواة أمام الأعباء العامة.
واهتمت المالية بوضع الأسس الناظمة لجباية الضرائب والرسوم ، وبإيجاد القواعد المحاسبية التي تنظم صرف النفقات العامة الضرورية لتأمين سير المصالح الإدارية دون إسراف أو تبذير.
تميزت المالية العامة في الدولة الحارسة ( دولة المذهب الفردي ) بطابع الحياد المطلق وكانت تسعى جاهدة لتحقيقه مبتعدة عن أي إجراء من شأنه التأثير على النشاط الخاص.

ولكن لم تستمر المالية المحايدة طويلا وذلك لأن الأيديولوجية السياسية والاقتصادية للدولة تطورت نتيجة الوقائع الاجتماعية والمبادئ الاقتصادية التي ظهرت بين الحربين العالميتين الأولى والثانية تطورت تبعا لذلك موضوعات علم المالية وأضحى يساير مفهوم الدولة الحديثة ووظيفتها الاقتصادية والاجتماعية ، فأصبح الغرض من المالية العامة أكثر اتساعا ليشمل تغطية النفقات العامة التقليدية ، وتحقيق التوازن الاجتماعي والاقتصادي.
تعريف علم المالية العامة
هو العلم الذي يبحث في جملة الرسائل المالية ( الإيرادات والنفقات والموازنة العامة ) وتوجيهها واستخدامها لتحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

المالية العامة والمالية الخاصة
يجب التفريق بين المالية العامة التي هي مالية الدولة والهيئات العامة ( مالية القطاع الحكومي ) وبين المالية الخاصة التي هي مالية الأفراد و الشركات الخاصة والمشروعات الفردية بأنواعها :

أولاً- من حيث الغرض
يسعى الأفراد والمشروعات الخاصة من خلال نشاطها الاقتصادي إلى تحقيق الربح وتعظيمه إلى أقصى حد ممكن ، بينما لا تسعى الدولة إلى تحقيق الربح المادي فقط بل تسعى أيضا إلى تحقيق المصلحة العامة للمجتمع ولو تعارض ذلك مع تحقيق أكبر ربح ممكن أو حتى تحقيق خسارة.
ونتيجة اختلاف الهدف ، هناك اختلاف في معيار الحكم على مدى نجاح أو إخفاق السياسة المالية.
فمعيار نجاح النشاط الخاص يتم من خلال أثر الربح المتحقق في حل المشكلات الخاصة لهذا الفرد أو المشروع.
أما معيار نجاح المالية العامة فهو تحقيقها لأهدافها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

ثانياً- من حيث الإيرادات
تختلف الطرق التي تحصل بها المالية العامة على إيراداتها عن الطرق التي تحصل بها المالية الخاصة عليها.
فالدولة تتمتع بالسلطة التي تستمدها من حق السيادة ، كحقها في فرض الضرائب والرسوم وإصدار القروض العامة والتأميم والمصادرة والإصدار النقدي الجديد أي أن الدولة تعتمد على الوسائل الإجبارية في الحصول على إيراداتها .
أما المالية الخاصة فتعتمد على عنصر الاختيار والتعاقد عن طريق تقديم خدماتهم للدولة أو للأفراد الآخرين أو عن طريق بيع منتجاتهم ، وبالرغم من هذا الاختلاف إلا أن الدولة قد تلجأ أحيانا إلى أسلوب التعاقد والاختيار للحصول على إيراداتها ، ومن ناحية أخرى قد يتمتع النشاط الخاص بقوة اقتصادية تمكنه من فرض إرادته على الأفراد المستهلكين وهي الحالة التي يتمتع بها ذلك النشاط بالاحتكار الفعلي أو القانوني.
ثالثاً- من حيث اسلوب موازنة النفقات والإيرادات
إن اسلوب موازنة النفقات والإيرادات في المالية الخاصة يعتمد على قاعدة أولوية الإيرادات على النفقات ، بينما في المالية العامة يعتمد على قاعدة أولوية النفقات على الإيرادات.
ويعود هذا الاختلاف إلى أن الدولة تتمتع بسلطة أوسع لزيادة إيراداتها سواء تلك الإيرادات آتية عن طريق الإصدار الجديد أو القروض العامة الخارجية أو الداخلية ، ولكن هذه السلطة غير مطلقة وإنما مقيدة بمستوى التشغيل في الاقتصاد القومي عند لجوئها إلى الإصدار النقدي الجديد وبالقدرة على سداد القروض وأعبائها عند لجوئها إلى القروض الداخلية والخارجية ، ومن الجهة الأخرى يستطيع الأفراد والمشروعات الخاصة أن يتجاوزوا قاعدة أولوية الإيرادات على النفقات ، إذا ما استطاعوا اللجوء إلى القروض ، ومن ثم يمكنهم الإنفاق بما يتجاوز دخولهم المعروفة.

إن المالية العامة تختلف عن المالية الخاصة في الطبيعة والغرض والهدف مما يوجب اختلاف القواعد الناظمة لها ، ولكن ذلك لا يعني الاختلاف التام بينهما فكلاهما يشكل جزءا هاما من الاقتصاد القومي ، ويعمل كل منهما إلى جانب الآخر ويؤثر كل منهما في الآخر.
ولابد لنا من التطرق إلى علم الاقتصاد على أنه النواة الأساسية لظهور علم المالية
ما هو الاقتصاد؟
الاقتصاد هو علم النّدرة.. وهو العلم الّذي يدرس العلاقة بين الاحتياجات اللّامتناهية والموارد المحدودة، من خلال دراسة أنشطة الإنتاج والاستهلاك والتّبادل، الّتي تترابط فيما بينها، والّتي تساعد في تحديد كيفيّة تخصيص الموارد النّادرة. ويُستخدم إنتاج واستهلاك وتوزيع السّلع والخدمات لتلبية احتياجات أولئك الّذين يعيشون ويعملون داخل الاقتصاد، أو ما يشار إليه أيضًا بالنّظام الاقتصاديّ.

أنواع النظم الاقتصادية
تسمح الاقتصادات القائمة على السّوق الحرّ للأفراد والشّركات بتبادل السّلع بحرّيّةٍ من خلال السّوق، وفقًا لقوى العرض والطّلب. وتعتبر الولايات المتّحدة -بشكلٍ رئيسيٍّ- اقتصاد سوقٍ، حيث يحدّد المستهلكون والمنتجون ما يباع وينتَج. ويمتلك المنتجون ما يصنعونه ويقرّرون أسعارهم الخاصّة، بينما يمتلك المستهلكون ما يشترونه ويقرّرون المبلغ الّذي يرغبون في دفعه.
فمن خلال هذه القرارات تحدّد قوانين العرض والطّلب الأسعار والإنتاج الكلّيّ. فإذا زاد طلب المستهلك على سلعةٍ معيّنةٍ، فإنّ الأسعار تميل إلى الارتفاع لأنّ المستهلكين على استعدادٍ لدفع المزيد مقابل هذه السّلعة. في المقابل، يميل الإنتاج إلى الزّيادة لتلبية الطّلب لأنّ المنتجين مدفوعون بالرّبح. ونتيجةً لذلك، يميل اقتصاد السّوق الحرّ إلى تحقيق التّوازن بشكلٍ طبيعيٍّ. فمع ارتفاع الأسعار في أحد قطاعات صناعةٍ ما بسبب الطّلب، تتحرّك الأموال والعمالة اللّازمة لسدّ هذا الطّلب، فيتدفّقون إلى الأماكن حيثُ تكون الحاجة إليهم.
ونادرًا ما توجد اقتصادات سوقٍ خالصةٌ، نظرًا لأنّ من المعتاد وجود بعض التّدخّل الحكوميّ أو التّخطيط المركزيّ. فحتّى الولايات المتّحدة يمكن اعتبارها اقتصادًا مختلطًا. تضع الحكومة الضّوابط القانونيّة للسّوق، كما توفّر خدماتٍ مثل التّعليم الحكوميّ وأنظمةٍ للتّضامن الاجتماعيّ، لسدّ الفجوات الّتي يتركها اقتصاد السّوق، وللمساعدة في خلق التّوازن. وبهذا، يشير مصطلح اقتصاد السّوق إلى الاقتصادات الّتي تميل إلى السّوق بشكلٍ كبيرٍ، على وجه العموم.
تعتمد الاقتصادات القائمة على التّخطيط المركزيّ على سلطةٍ سياسيّةٍ مركزيّةٍ تتحكّم في أسعار السّلع وتوزيعها. ولا يمكن أن يحدث العرض والطّلب بشكلٍ طبيعيٍّ في هذا النّظام لأنّه مخطّطٌ مركزيًّا، لذا يشيع فيه أن يختلّ التّوازن.

دراسة الاقتصادات
تسمَّى دراسة الاقتصادات والعوامل الّتي تؤثّر على الاقتصادات علمَ الاقتصاد. ويمكن تقسيم علم الاقتصاد إلى قسمين رئيسيّين؛ الاقتصاد الجزئيّ والاقتصاد الكلّيّ.
يدرس الاقتصاد الجزئيّ سلوك الأفراد والشّركات لفهم أسباب اتّخاذهم للقرارات الاقتصاديّة الّتي يتّخذونها وكيف تؤثّر هذه القرارات على النّظام الاقتصاديّ الأكبر. ويدرس الاقتصاد الجزئيّ أسباب اختلاف قيم السّلع المختلفة وكيف ينسّق الأفراد ويتعاونون مع بعضهم البعض. ويميل الاقتصاد الجزئيّ إلى التّركيز على
على الميول الاقتصاديّة، مثل كيفيّة تأثير الاختيارات والأفعال الفرديّة على التّغيّرات في الإنتاج.
من ناحيةٍ أخرى، يدرس الاقتصاد الكلّيّ الاقتصاد بأكمله، مع التّركيز على القرارات والقضايا واسعة النّطاق. ويشمل الاقتصاد الكلّيّ دراسة العوامل العامّة على مستوى الاقتصاد، مثل تأثير ارتفاع الأسعار أو التّضخّم على الاقتصاد. ويركّز الاقتصاد الكلّيّ أيضًا على معدّل النّموّ الاقتصاديّ أو النّاتج المحلّيّ الإجماليّ (GDP)، والّذي يمثّل المبلغ الإجماليّ للسّلع والخدمات المنتجة في اقتصادٍ ما. كما يشمل دراسة التّغيّرات في البطالة والدّخل القوميّ. فباختصارٍ، يدرس الاقتصاد الكلّيّ سلوك الاقتصاد في مجموعه.