لقد ظل الاقتصاد العالمي معتمداً على الولايات المتحدة، منذ الأزمة المالية العالمية لتصريف شؤونه، وعلى الرغم من أن الاقتصاد الأمريكي خيّب آمال الكثيرين إلى حد كبير هذا العام، وتبددت التعزيزات المالية الكبيرة بالنسبة للعمليات الإنمائية،

إلا أن ما يثلج الصدر هو أن الصين، والسوق الأوروبية، واليابان، قامت بتحسين استخدام مواردها لتجنب الهدوء غير المرغوب فيه في الأعمال التجارية.

وفي حين أن الولايات المتحدة ليست المحرك الوحيد للنمو، إلا أنها لو بدأت نزاعاً كبيراً على التجارة الدولية فسيكون لديها القدرة لوقف العمليات التجارية التوسعية برمتها.

ووفقاً لآخر التوقعات لصندوق النقد، فإن النمو العالمي لم يتغير عن توقعاتها السابقة حيث سجل تعافياً 3.5% هذا العام، و3.6% العام المقبل، مع المراجعات التصاعدية في السوق الأوروبية، والصين واليابان هذا العام، فقد كانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة الوحيدتان اللتان شهدتا تخفيضاً لتوقعاتهما هذا العام.

ولكن في حالة الولايات المتحدة، فإن التراجع صاحبه خفض للتوقعات 0.2 نقطة هذا العام وبنسبة تراجع 0.4 نقطة في 2018، كما أن الانخفاض الكبير لمعدل النمو المتوقع الآن لا يساوي سوى 2.1%.

في الواقع كان صندوق النقد متفائلاً جداً في المقام الأول بالنسبة لقدرة إدارة ترامب للدفع من خلال التحفيز المالي الكبير، فقد جاء ترامب إلى السلطة متحدثاً عن برنامج الإنفاق الكبير على البنية التحتية، وتخفيضات ضريبية كبيرة.
في هذا الحدث، فإن عدم قدرة الرئيس على التوصل إلى اتفاق مع الكونجرس يعني أن الخطة فشلت. أما بالنسبة للمملكة المتحدة، فقد قام الصندوق بخفض توقعاته للعام في ظل النمو الضعيف خلال الربع الأول، وقد شعر المستهلكون البريطانيون بالضغط جراء تراجع الجنيه الاسترليني بعد استفتاء الاتحاد بريكست، حيث قاد ضعف الجنيه إلى التضخم لتلتهم الأرباح، وبعد كل ذلك فشل أيضاً في توفير تعزيز نمو متوازن بالنسبة لصافي التجارة.
وبعد ذلك، في الخطة الشاملة للأشياء فإن خفض التوقعات للتوسع الاقتصادي بالنسبة للمملكة المتحدة ضئيل، ولا يزال الصندوق يتوقع أن يسجل الاقتصاد البريطاني معدلات نمو أسرع أكثر من فرنسا وإيطاليا هذا العام، وبمعدل أبطأ من ألمانيا، وهناك توقعات عالية بأن تكون آثار «البريكست» إيجابية.
ربما كان أحد أهم الأجزاء الباعثة على السعادة للتوقعات هو التفاؤل المستمر حول التجارة العالمية، فبعد أن سجلت متوسط نمو بنحو ضعفين أسرع من إجمالي الناتج المحلي في السنوات ما قبل الأزمة المالية، فإن التجارة بالكاد حافظت على مستوياتها مع التوسع الاقتصادي الكلي منذ ذلك الحين، ولكن عند نسبة نمو 4% في 2017 ونسبة 3.9% في 2018، فإن الزيادة البسيطة في السلع الضرورية والخدمات يتوقع أن يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي – ولا تزال العولمة باقية.
ومع ذلك، يحذر صندوق النقد من أن يكون عدم اليقين أحد التهديدات الكبيرة للاقتصاد العالمي على المدى المتوسط، وينطبق هذا بشكل واضح على التجارة.
وتمكنت مجموعات الضغط الخاصة بالأعمال التجارية في الولايات المتحدة، وشركاء أمريكا التجاريين من منع الخطاب التجاري المتوحش قبل أن يتحول إلى حرب تجارية، ومع ذلك فإن فرض رسوم جمركية مشددة على الحديد الصلب وإعادة التفاوض حول الاتفاقات التجارية مرتقبة.
فاينانشال تايمز